[size=12]لأدب
عنوان فلاح المرء ، ومناط سعادته في الدنيا والآخرة , وأكمل الأدب وأعظمه
هو الأدب مع الله جل وعلا بتعظيم أمره ونهيه والقيام بحقه، ولذا فإن لكل
عبادة أدب , فالصلاة لها أدب , والحج له أدب , والصوم كذلك له آداب عظيمة
لا يتم إلا بها , ولا يكمل إلا بأدائها .[/size]
[size=12]وآداب الصيام منها ما هو واجب يلزم العبد أن يحافظ عليها ويلتزم بها , ومنها ما هو مستحب يزداد العبد بفعله أجرا وثواباً .[/size]
[size=12]فمن
الآداب الواجبة : أن يقوم الصائم بما أوجب الله عليه من العبادات القولية
والفعلية , ومن أهمها الصلاة المفروضة , التي هي آكد أركان الإسلام بعد
الشهادتين , فيجب على الصائم المحافظة عليها , والقيام بأركانها وشروطها ,
وأدائها مع جماعة المسلمين , وكل ذلك من التقوى التي شُرع الصيامُ من أجلها
.[/size]
[size=12]ومن
الآداب الواجبة : أن يجتنب الصائم جميع ما حرم الله عليه من الأقوال
والأفعال , فيحفظ لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة والسب والشتم وفحش القول
, ويحفظ بصره عن النظر إلى المحرمات , ويحفظ أذنه عن الاستماع للحرام ,
ويحفظ بطنه عن كل مكسب خبيث محرم .[/size]
[size=12]وليس
من العقل والحكمة أن يتقرب العبد إلى ربه بترك المباح كالطعام والشراب ,
ولا يتقرب إليه بترك ما حُرِّم عليه في كل حال , ولهذا يقول - صلى الله
عليه وسلم- كما في الصحيح : ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) .[/size]
[size=12]وأُمِر الصائم بحفظ لسانه عن اللغو وفحش القول والجهل على الناس حتى وإن تعرض للأذى من غيره ، يقول - صلى الله عليه وسلم- : ( الصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب , فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم ... ) رواه البخاري ومسلم .
فحقيقة
الصيام إذاً ليست مجرد الإمساك عن المفطرات الحسية فقط , فإن ذلك أهون ما
في الأمر , كما قال بعضهم : " أهون الصيام ترك الشراب والطعام " , وقال
عليه الصلاة والسلام : ( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ) رواه الإمام أحمد وابن ماجه بسند صحيح ، بل لا بد مع ذلك من حفظ الجوارح واستعمالها فيما يرضي الله :[/size]
[size=12] إذا لم يكن في السمع مني تصاونٌ
وفي بصري غضٌّ وفي منطقي صَمتُ
فحظي إذاً من صوميَ الجوع والظما
فإن قلتُ إني صمت يومي فما صُمت
[/size]
[size=12]يقول جابر
رضي الله عنه مبيناً حقيقة الصيام : " إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن
الكذب والمآثم , ودع أذى الجار , وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك , ولا
تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء " . [/size]
[size=12]وأما
الآداب المستحبة فمنها : السحور وهو الأكل آخر الليل , وسمي بذلك لأنه يقع
في وقت السَّحَر , وقد أمر به - صلى الله عليه وسلم- فقال : ( تسحروا فإن في السحور بركة ) . متفق عليه , وهو الفاصل بين صيامنا وصيام أهل الكتاب , والسنة تأخيره , ويتحقق السحور ولو بشربة ماء .[/size]
[size=12]ومن الآداب المستحبة : تعجيل الفطر ، قال - صلى الله عليه وسلم- : ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) . متفق عليه .[/size]
[size=12]وينبغي للصائم أن يحرص على الدعاء عند فطره فإن للصائم عند فطره دعوة لا ترد , ويسن له أن يقول ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ) رواه أبو داود .[/size]
[size=12]ومن آداب الصيام المستحبة : كثرة قراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقة , والاستكثار من أنواع الخير والعمل الصالح .[/size]
هذه
بعض آداب الصيام , فلتحرص -أخي الصائم- على التأدب بها, وأن تحفظ صومك من
كل ما يجرحه أو ينقص أجره ، نسأل الله أن يرزقنا حسن الأدب معه , وأن يتقبل
منا صيامنا وقيامنا، إنه جواد كريم .